fbpx

فان جوخ… الرّسام الذي قطع أذنه

3 456

هناك شيء في داخلي فماذا يمكن أن يكون؟! هي الكلمات التي حدّث فان جوخ نفسه بها، ولكنّه غادر هذا العالم دون أن يدري أنّه غدا الرّسام الأكثر شهرة وتأثيراً في الفن الغربي، وتعتبر لوحاته من الأغلى ثمناً في العالم.

من هو فنست فان غوخ؟

هو فنسنت وليام فان جوخ رسامٌ هولندي، وأحد أهمّ الرّسامين العالميين، ومن أهمّ المؤثرين في تيار التّعبيرية في الفن الحديث.

ولد في 30 آذار| مارس 1853في جروت زندرت بهولندا، وهو خريج الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة، وعمل بالتّعليم ثُمّ بالفن والرّسم كما عمل بالمناجم.

لم تكن طفولته طفولة سعيدة بل على العكس، فقد عانت عائلته مشاكل مادية، وأُجبر على ترك المدرسة وهو بعمر الخامسة عشر، ليعمل لدى متجر خاله كورنيل، وهو متجر لبيع المنتجات الفنية تابع لأحد شركات تجارة اللوحات الفنية في لاهاي، وخلال هذه الفترة أجاد جوخ الفرنسية والألمانية والإنجليزية فضلاً عن لغته الأم الهولندية.

عانى في مسيرة حياته من الأمراض النّفسية، ورسمَ أهم لوحاته في مصحة عقلية، ولم يتزوج أبداً برغم وقوعه في الحبّ مرات عديدة.

كتبَ فان جوخ العديد من الرسائل أكثر من 700 رسالة منها إلى أخيه ثيو الّذي يعتبر صديقه الأقرب أيضاً وداعمه الأوّل، تحدّث له بها عن حياته الخاصة وتصوراته حول أعماله الفنية اشتهرت تلك الرسائل وجُمعت في كتاب “رسائل فان جوخ”.

مدرسة فان جوخ الفنيّة

أمّا مدرسة فان جوخ الفنيّة، فهيَ المدرسة ما بعد الانطباعية (وهيَ حركة فنية بدأت في نهاية القرن التّاسع عشر) وتعتبر امتداد للانطباعية التي تعني بالنسبة له الموضوعية.

تتميّز هذه المدرسة بالألوان المشرقة الواضحة وضربات الفرشاة الثقيلة، وتعتمد على نقل صورة الطّبيعة، ومواضيعها تؤخذ من الحياة الواقعية وهذا ما ميّز لوحات جوخ.


أشهر لوحات فان جوخ

عاشَ الرّسام فان جوخ أزمات نفسية كثيرة، وعمر حياته الفنيّة لم يكن طويلاً إلّا أنّهُ على رغم قصرها (تُقدر بحوالي 10 سنوات)، فقد رسم ما يُقارب 900 لوحة، وأكثر ما يُثير الجدل أنَّ فان جوخ لم يبع خلال حياته من لوحاته تلك كلّها سوى لوحة واحدة، وهيَ لوحة (الكرم الأحمر في آرل) وقد رُسِمت في أول نوفمبر 1888، وهذه اللوحة رسمها بعد حادثة قطع شحمة أذنه بشهرين، وقد جمعَ في هذه اللوحة ألوان حقول الكروم النابضة بالحياة في جنوب فرنسا، وهيَ معروضة حالياً في مُتحف بوشكين في روسيا.

أمّا أشهر لوحاته نذكر منها أيضاً:

  • لوحة آكلوا البطاطا (أبريل 1885): وتُعتبر أوّل أعمال فان جوخ الجيّدة، وقد كتب لأخيه ثيو عن هذه اللوحة قائلاً:

“لقد أردت فعلاً أن أجعل النّاس يتصورون أنَّ هؤلاء النّاس الّذين يأكلون البطاطا على ضوء مصباحهم الصّغير، قد حفروا الأرض بأنفسهم بهذه الأيدي الّتي يضعونها في الطبق ليحصلوا على البطاطا، وأنّهم بذلك قد حصلوا على طعامهم بصدق.”

 

 

  • لوحة ليلة النّجوم (يونيو 1889): وهيَ أشهر لوحاته، وهي لوحة زيتية مرسومة على القماش تحتوي على عدد من النّجوم أشبه بأجرام سماوية مشعة، وقيل عن هذه اللوحة أنّه لا يمكن أن يراها أحد إلّا ويُسحر بها، ولهذه اللوحة مكانة فنيّة عظيمة أُجمِع عليها.

 

 

  • لوحة بوتريه الطبيب غاشيه (يونيو 1890): والطبيب غاشيه هو طبيب فان جوخ، وقد رسمه متكئاً على غصن من نبات قفاز الثعلب، وهو نبات استُخدِم سابقاً لعلاج القلب والأمراض النّفسية.

 

لماذا قطع فان جوخ أذنه؟

تعدّدت الرّوايات حول هذه القصّة وصحتها، لكن أغلب التكهنات تُشير أنّه تعرض  لصدمة شخصيّة إلى جانب اضطراباته النّفسية، وما عانى منه من هلوسات سمعية كمحاولة يائسة لإسكات الأصوات الّتي رافقته في تلك الفترة، وبعد هذه الحادثة نُقله أخاه ثيو إلى مصحة نفسية، فمارس الرّسم هناك وأفرغ به اضطراباته ومشاعره في لوحاته، ورغم خروجه بعد فترة وتحسن وضعه الصّحي إلا أنّه عاد إلى اضطراباته النفسيّة مجدّداً، ولم يمضِ وقت كبير بعد ذلك حتّى توفي منتحراً، وهو بعمر صغير 37) عاماً) واضعاً بذلك حد لعذاباته النّفسية تاركاً أجمل اللوحات الّتي تحكي توقه للحياة والحبّ والإشراق هي كلّ ما حُرِم منه.

 

رسالة فان جوخ الأخيرة

كتب فان جوخ رسالته الأخيرة إلى صديقه الأقرب أخيه ثيو الّذي قيل أنّ جوخ رسم لوحاته له لأنّه الوحيد الذي دعمه وقدم له كل الدعم المعنوي والمادي ونتيجة لعدم اهتمام أحد بفنه وبعض مما جاء فيها:

“عزيزي ثيو… إلى أين تمضي الحياة بي؟ ما الذي يصنعه العقل بنا؟ إنّهُ يُفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة، إنّني أتعفن مللاً لولا ريشتي وألواني هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد، كلّ الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن، ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطاً وألواناً جديدة، غير تلك الّتي يتعثر بصرنا بها كل يوم.

 

وأخيراً…

يمكن القول أنّه من المؤسف أنّ فنان بمكانة فان جوخ عاشق الطّبيعة، توفيَ منتحراً نتيجة لحالته النّفسية، واكتئابه لعدم الاهتمام بفنه وشعوره بأنّه فاشل، ولو قُدِرَ لهُ أن يكون بيننا اليوم لعَلِمَ إلى أي مدى وصلت شهرته ومكانته الفنيّة…

3 تعليقات
  1. Sami يقول

    شكرا لك على هذا المجهودالرائع

    1. Sami يقول

      (غير تلك التي يتعثر بها بصرنا كل يوم)
      عمق هذه الجملة يدل على نظرة فان جوخ للكون وألوان وإبداع الخالق فيه.. وكم تتعثر أبصارنا في كل الأتجاهات وعلى مدار الأيام.. التشوه البصري يقتلنا يا فان جوخ.. لروحك السلام

    2. Zeina يقول

      شكراً لحضرتك أستاذ سامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.