fbpx

بكاميرا وممثلين تصنع أفضل الأفلام

0 28

 

لطالما ارتبطت جودة الأفلام بمقدار المبلغ  الضخم الّذي صرف لإنتاجها، إلا أنّ هذا الأمر قد يكّون جودة على مستوى المؤثرات البصرية، وجودة أعلى على مستوى دقة الكاميرا ووضوحها.

إذاً ليست بالضرورة مقياساً لجودة الأفلام .

 

يعود البعض فيرجح أن الأفلام الجيدة والعظيمة تصنعها الدول والمجتمعات الغنية والمتطورة وهذا الشّي لا ينطبق على دول العالم الثالث، وفي هذين الأمرين مقدار كبير من الخطأ والجهل فعالم السينما ليس بالضرورة عالم يعتمد على الغنى المادي والراحة والتطور الاجتماعي ، بل هو مرآة الشعوب ومتنفسهم وأرشيف الشعوب ونتاجهم الفكري والابداعي  ورسالتهم إلى العالم بشكل عام.

 

وليس بالضرورة أن تكون الميزانية ضخمة لإنتاج عمل سينمائي جيد أو عظيم… بل في مدى أهميّة رسالتك وقربك من الواقع بشكل كبير، ونجد هذين الأمرين في السينما الإيرانية الّتي شكّلت نقلة كبيرة في عالم السينما، وكسرت القيود في موضوع أنّ الافلام العظيمة ذات انتاج مالي كبير.

فنافست هذهِ الأفلام ذات الإنتاج المنخفض جداً على جوائز عالمية وحصلت على جائزتين أوسكار عن فئة الأفلام الأجنبية بالإضافة إلى العديد من جوائز السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي.

 

هذا النجاح الذي شهدته السينما الإيرانية يرجع وكما أسلفنا سابقاً الى الى أمرين هما:

  1.  أهمية الرسالة في الفيلم
  2.  مدى قرب الفيلم من الواقع

 

وهذين الأمرين يعتمدان بشكل أو بآخر على الكتابة .

قد يعجبك أيضا:

وإذا قارنا الأفلام الإيرانية ذات الإنتاج المنخفض جداً بفيلم هوليودي ترفيهي ذات إنتاج عالي جدّاً سنجد أنّ الكفة تميل إلى الفيلم الإيراني في المهرجانات وآراء النقاد السينمائيين وعامة الناس.

 

وعند ذالك تتشكّل لدينا فكرة مهمة أنّ أهميّة الفيلم تكمن في الكتابة التي تحاكي الواقع وتنقل معاناة وحزن وأفراح وتطلعات الشّعوب، وتطرح الأفكار والأمور المستعصية من دين وفلسفة وتاريخ وتناقشها بحيادية الأمر الّذي انحسر وقلّ في وقتنا الحاضر، فغدت الأفلام أكثر سطحية وأكثر إنتاجاً من السابق، ولكنّنا نشهد محاولات هنا وهناك وهذه المحاولات تسعد وتشجي المتلقي المتعطش لسينما عظيمة وأكثر عمق.

 

المتلقي الّذي تهمه الأفلام التي تناقش أفكار سياسية فلسفية دينية أو تؤرشف لفترة تاريخية أو تطرح أفكار أو اسقاطات أكثر من أفلام سطحية ينتشر فيها الأكشن وسباقات السيارات وينعدم فيها الحوار العميق.

 

 

ما لفت نظري في الآونة الأخيرة فيلم أُنتج في الولايات المتحدة اسمه (الغروب الجزئي The sunset limited)، والفيلم يناقش فكرة الأمل والعدم عن طريق حوار بين شخصين في غرفة معزولة  أحدهما ملحد يريد الانتحار ، والآخر راهب ويعمل في مصحة نفسية، فيستعرض حوارهما فلسفة العدم وفكرة وجود الله.

هذا الفيلم ذو الميزانية المنخفضة جداً يناقش فكرة مهمة جداً وهذا هو دور السينما الأهم فلم ولن تكن السينما مادة  للتسلية والترفيه فقط . بل هي وسيلة تنتمي الى الفلسفة والدّين والفكر كما كان سائد في اليونان القديمة. فلم ألبث أن انتهيت من مشاهدته حتّى تراءت إلى ذهني أفكار عديدة ونقاشات كثيرة، فأفلام كهذه لا تغادرنا حتّى بعد انتهاءها…

 

 

وكذلك ما لفت نظري فيلم اخر اسمه (قصة الشبح A ghost story)، وهو فيلم يدنو قليلاً من الأفلام السريالية إلا أنّهُ يحمل معنى مهم ألا وهو الأثر الذي يتركه الانسان بعد موته.

فلا يموت الانسان حقّاً إلّا عندما يُنسى ويتوارى أثره في الحياة وعند محبيه،وهي فكرة لم أعهدها في جميع الأفلام التي شاهدتها في حياتي.

لم ولن يغادرني موضوع استغرق عرضه بفيلم لمدة الساعة والنصف واستحوذ على تفكيري.

 

هذا هو مدى تأثير السينما في المتلقي وهذا هو جوهر السينما الحقيقي . ليس بالضرورة أن تكون أمريكياً أو أوروبياً لتنتج فيلماً عظيم،  فهذهِ السينما الإيرانية تشارك وتنافس أفلام أمريكية وأوروبية رغم الرّقابة الشديدة من الحكومة الإيرانية والميزانية الفقيرة المتوفرة لإنتاج الأفلام، وليس عليك إلا أن تكون صادقاً فيما تطرح من أفكار وحكايات وتكون قريباً من واقع بيئتك ومجتمعك.

 

 

اقرأ أيضاً كيف نظر كافكا للمأزق الوجودي للإنسان من خلال أبطال رواياته

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.