fbpx

اختفاء أجاثا كريستي الغامض.. هل تحولت رواياتها لحقيقة؟

1 60

ليلة باردة من ليالي كانون الأول/ديسمبر عام 1926، طبعت أجاثا كريستي قبلة على جبين طفلتها الصغيرة النائمة؛ ارتدت معطفها الفرو وحملت حقيبة أغراضها الشخصية، ثم خرجت من البيت مستقلة سيارتها، منذ ذلك الحين ولمدة أحد عشر يوماً لم يُرَ أثر للكاتبة سوى السيارة المهجورة على سفح تلة تبعد 22 ميلاً عن منزلها.

مُلابسات القضية

تصدّر اسم كريستي آنذاك صفحات الأخبار الأولى في جميع أنحاء بريطانيا، وأُثيرت تكهنات عدة حول إذا ما كانت الكاتبة البوليسية ضحية جريمة غامضة مثل تلك التي حَبَكَتها في رواياتها السبع الصادرة حينها، أو أنّها حادثة انتحار؛ لكنّ اختفاء الجثة بدّد هذه التّوقعات، فالسيارة وُجدت خاوية إلا من معطف أجاثا وحقيبتها.
بدأت الشرطة تحقيقاتها، بالاشتراك مع آلاف المتطوعين الذين شاركوا في عمليات البحث، مسح الباحثون مكان السيارة والمنطقة المحيطة، وقرّر المسؤولون سحب مياه البركة المجاورة بحثاً عن الجثة، ولم تُجدِ هذه الجهود نفعاً.

الزوج في دائرة الاتهامات


استجوب المحققون الخدم والأصدقاء، كلّهم أجمعوا على أن كريستي كانت مضطربة طيلة يوم الاختفاء، وأنَّ زوجها كان مع عشيقته في تلك الأثناء، وهو عكس ما أوهم به أجاثا بأنّهُ يقضي عطلة نهاية الأسبوع في منزل صديقه، وأيضاً ما أخفاه عن الشرطة، الأمر الذي أثار حوله الشكوك.
“أخبرتني يوماً أنها إذا أرادت أن تختفي فإنها ستعرف كيف تفعل ذلك”، أدلى زوج الكاتبة بهذا التصريح لإحدى الصحف المحلية، لكنّه لم يخرجه من دائرة الاتهامات، لا سيما بعد إحراقه لرسالة تركتها زوجته في المنزل قبل اختفائها الغامض.

الظهور المفاجئ

وفيما كان الزوج يُستدعى للاستجواب، حدثت المفاجأة….
ظهرت أجاثا كريستي في فندق سوان هايدرو بمدينة هاروغيت البريطانية، الكاتبة أطلت بكامل أناقتها وهي تتصرف بشكل طبيعي ترقص وتلعب البلياردو، وكأنّها لم تُثر عاصفة إعلامية وجنائية في الأيام الفائتة، وهو ما أكده موسيقيو الفندق الذين تعرفوا على كريستي.
هرع المحققون إلى الفندق ليجدوا حجزاً لسيدة تحمل نفس مواصفات أجاثا واسم نانسي نيل، كانت السيدة أجاثا نفسها؛ ونيل عشيقة زوجها!
لم يعلم أحد لمَ اختارت كريستي اسم نانسي لحجز الفندق، وعندما قصوا عليها ما حدث؛ كان من الظاهر أن الكاتبة فاقدةً للذاكرة، إذ قالت للمحققين:”في هاروغيت كنت أقرأ كل يوم عن اختفاء السيدة كريستي واستنتجت أنّها ماتت، كان تقديري أنّها تصرفت بشكل غبي”.
حتّى حينما وصل زوجها إلى الفندق لم تستطع التعرف عليه، ربما نسته أو تناسته لا أحد يعرف.

 

عاصفة التفسيرات المتضاربة

لم يروِ ظهور كريستي المفاجئ فضول الصحفيين والمعجبين المستنفرين على مدى أحد عشر يوماً، بل على العكس تماماً أثار زوبعة من الشّائعات والأقاويل، فالكاتبة الغامضة خرجت من منزلها بثوب رمادي بسيط وبمبلغ مالي صغير؛ وحين ظهرت كانت ترتدي ثياباً فاخرة وتتصرف ببذخ في فندق فخم.
أكثر التفسيرات رواجاً أنّ الرّوائية تعرضت في ذلك العام لصدمتين قاسيتين؛ الأولى هي وفاة والدتها، أما الثانية والأكثر اتصالاً في قضية الاختفاء هي اكتشافها خيانة زوجها (السير أرشيبالد كريستي) الذي أخذت منه لقب كريستي ولازمها حتى بعد انفصالها عنه، “كل ذلك أدخلها بحلقة من الاكتئاب، إذ مرت في العام نفسه بحالة من البكاء والنسيان والأرق وعدم القدرة على عيش حياة طبيعية، إضافة للتفكير بالانتحار مما جعلها بحالة من الشرود”، ربما أفقدتها الذاكرة، وهذا ما رجحته المؤرخة البريطانية (لوسي برسلي) في مقال لمجلة BBC.
فيما ذهبت روايات أخرى للقول إن كريستي افتعلت هذه القضية؛ في محاولة منها لإثارة ذعر زوجها أو لإحراجه وفضح خيانته أمام الملأ، بينما هناك من روّج أن كل ذلك ماهو إلا حيلة من الروائية ذات العقلية البوليسية للفت الانتباه وتسويق كتبها بصورة أكبر.

لغز كريستي المجهول

لم تؤكد أجاثا كريستي أو أحد من جانبها هذه الادعاءات ولم تنفها كذلك، فبعد الحادثة بفترة انفصلت الكاتبة عن زوجها، ليتزوج من نانسي نيل، وتتزوج هي عالم الآثار ماكس مالوان الذي جالت برفقته بلاد الشرق وأنتجت خلال هذه الفترة أشهر رواياتها كقطار الشرق السريع وجريمة على وادي النيل.
ورغم أن أجاثا دائما ما تكشف في نهاية رواياتها لغز القصة، إلا أنها اختارت في قصتها الخاصة أن يبقى اللغز مجهولاً، فلم تذكر بعد عودتها من الفندق أي تفاصيل حول الحادثة حتى أنّها لم تْشِر إليها في سيرتها الذاتية المنشورة بعد وفاتها عام ١٩٧٧، ولم يتمكن أحد من فك أحد أكثر ألغاز الروائية إثارة للجدل، ولا حتى المحقق هرقل بوارو أشهر شخصيات روايات كريستي!

اقرأ أيضاً حيدر حيدر … هجرة السنونو الأخيرة

تعليق واحد
  1. Sami يقول

    كنت مولع بقصصها في فترة المراهقة ولا أستبعد اختيارها البطوله في أحد قصصتها الواقعيه
    شكرا لكم❤️🙏

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.